فصل: ذِكْرُ فَرْضِ الصَّلَاةِ فِي السَّفَرِ مِنْ عَدَدِ الرَّكَعَاتِ بِلَفْظٍ عَامٍّ:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الأوسط في السنن والإجماع والاختلاف



.ذِكْرُ الِاسْتِسْقَاءِ بِغَيْرِ صَلَاةٍ:

كَانَ قَيْسُ بْنُ أَبِي حَازِمٍ يَسْتَسْقِي بِغَيْرِ صَلَاةٍ، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: يَسْتَسْقِي النَّاسُ بِغَيْرِ صَلَاةٍ وَكَانَ الثَّوْرِيُّ يَكْرَهُ ذَلِكَ الِاسْتِسْقَاءُ مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ كَانَ مَالِكٌ يَقُولُ: لَا بَأْسَ أَنْ يَسْتَسْقِيَ النَّاسُ فِي الْعَامِ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا إِذَا احْتَاجُوا إِلَى ذَلِكَ، وَكَانَ الشَّافِعِيُّ يَقُولُ: إِنْ لَمْ يُسْقَوْا يَوْمَهُمْ ذَلِكَ، أَحْبَبْتُ لَهُ أَنْ يُتَابِعَ الِاسْتِسْقَاءَ ثَلَاثًا يَصْنَعُ فِي كُلِّ يَوْمٍ مِنْهَا صَنِيعَهُ فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ. وَحُكِيَ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: مَا لِهَذَا حَدٌّ يُنْتَهَى إِلَيْهِ وَمَا بِذَلِكَ بَأْسٌ فَاسْتَسْقُوا مَا بَدَا لَكُمْ، وَكَانَ إِسْحَاقُ يَقُولُ: لَا يَخْرُجُونَ إِلَى الْجَبَّانِ إِلَّا مَرَّةً وَاحِدَةً وَلَكِنَّهُمْ يَجْتَمِعُونَ فِي مَسَاجِدِهِمْ، فَإِذَا فَرَغُوا مِنَ الصَّلَاةِ دَعَوَا اللهَ، وَإِذَا كَانَ يَوْمُ جُمُعَةٍ دَعَا الْإِمَامُ عَلَى الْمِنْبَرِ وَأَمَّنَ النَّاسُ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: قَدْ ذَكَرْنَا الْأَخْبَارَ الثَّابِتَةَ عَنْ رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي صَلَاةِ الِاسْتِسْقَاءِ وَخُطْبَتِهِ، وَالدُّعَاءِ، وَتَحْوِيلِ الرِّدَاءِ، وَبِهِ قَالَ عَوَّامُّ أَهْلِ الْعِلْمِ إِلَى أَنْ جَاءَ النُّعْمَانُ فَقَالَ: لَا صَلَاةَ فِي الِاسْتِسْقَاءِ، إِنَّمَا فِيهِ الدُّعَاءُ. وَخَالَفَهُ مُحَمَّدٌ فَقَالَ: أَرَى أَنْ يُصَلِّيَ فِي الِاسْتِسْقَاءِ نَحْوًا مِنْ صَلَاةِ الْعِيدِ. وَالسُّنَنُ مُسْتَغْنًى بِهَا عَنْ كُلِّ قَوْلٍ.

.كتاب السَّفَر:

.جِمَاعُ أَبْوَابِ صَلَاةِ الْفَرْضِ فِي السَّفَرِ:

قَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ لِمَنْ سَافَرَ سَفَرًا يَقْصُرُ فِي مِثْلِهِ الصَّلَاةَ وَكَانَ سَفَرُهُ فِي حَجٍّ، أَوْ عُمْرَةٍ، أَوْ جِهَادٍ أَنْ يَقْصُرَ الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ وَالْعِشَاءَ فَيُصَلِّيَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهَا رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ. وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنْ لَا تُقْصَرَ فِي صَلَاةِ الْمَغْرِبِ، وَصَلَاةِ الصُّبْحِ.

.ذِكْرُ فَرْضِ الصَّلَاةِ فِي السَّفَرِ مِنْ عَدَدِ الرَّكَعَاتِ بِلَفْظٍ عَامٍّ:

2229- حَدَّثَنَا يَحْيَى، قَالَ: ثنا مُسَدَّدٌ، ثنا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ بُكَيْرِ بْنِ الْأَخْنَسِ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: فَرَضَ اللهُ الصَّلَاةَ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّكُمْ فِي الْحَضَرِ أَرْبَعًا، وَفِي السَّفَرِ رَكْعَتَيْنِ، وَفِي الْخَوْفِ رَكْعَةً.
الْخَبَرُ الدَّالُّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ مِنْ قَوْلِهِ: فُرِضَتِ الصَّلَاةُ رَكْعَتَيْنِ غَيْرُ الْمَغْرِبِ.
2230- حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، قَالَ: ثنا ابْنُ عُمَرَ، حَدَّثَنَا مُرَجَّى، عَنْ دَاوُدَ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: أَوَّلَ مَا فُرِضَتِ الصَّلَاةُ رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ، فَلَمَّا أَتَى رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ صَلَّى إِلَى كُلِّ صَلَاةٍ مِثْلَهَا إِلَّا صَلَاةَ الْمَغْرِبِ، فَإِنَّهَا وِتْرٌ، وَصَلَاةُ الصُّبْحِ لِطُولِ قِرَاءَتِهَا، وَكَانَ رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا سَافَرَ سَفَرًا عَادَ إِلَى صَلَاتِهِ الْأُولَى.

.ذِكْرُ اخْتِلَافِ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي إِتْمَامِ الصَّلَاةِ فِي السَّفَرِ:

وَاخْتَلَفُوا فِي إِتْمَامِ الصَّلَاةِ فِي السَّفَرِ فَرُوِّينَا عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَنَّهُ قَالَ: صَلَاةُ الْمُسَافِرِ رَكْعَتَانِ. وَرُوِّينَا عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ أَنَّهُ قَالَ: الرَّكْعَتَانِ فِي السَّفَرِ لَيْسَتَا بِقَصْرٍ. وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: أَنَّهَا لَيْسَتْ بِقَصْرٍ، وَلَكِنَّهَا تَمَامُ سُنَّةِ الرَّكْعَتَيْنِ فِي السَّفَرِ. وَسُئِلَ ابْنُ عُمَرَ عَنْ صَلَاةِ الْمُسَافِرِ؟ فَقَالَ: رَكْعَتَيْنِ، مَنْ خَالَفَ السُّنَّةَ فَقَدْ كَفَرَ، وَرُوِّينَا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: مَنْ صَلَّى بِالسَّفَرِ أَرْبَعًا كَانَ كَمَنْ صَلَّى فِي الْحَضَرِ رَكْعَتَيْنِ، وَقَالَتْ عَائِشَةُ: إِنَّ الصَّلَاةَ أَوَّلَ مَا فُرِضَتْ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ أَتَمَّ اللهُ الصَّلَاةَ فِي الْحَضَرِ، وَأُقِرَّتِ الرَّكْعَتَانِ عَلَى هَيْئَتِهَا فِي السَّفَرِ.
2231- حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ الثَّوْرِيِّ، عَنْ زُبَيْدٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، قَالَ: صَلَاةُ الْمُسَافِرِ رَكْعَتَانِ تَمَامٌ لَيْسَ بِقَصْرٍ عَلَى لِسَانِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
2232- حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ ثُوَيْرِ بْنِ أَبِي فَاخِتَةَ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ عَلِيًّا قَالَ: صَلَاةُ الْمُسَافِرِ رَكْعَتَانِ.
2233- حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مَنْصُورٍ، قَالَ: ثنا سُوَيْدٌ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ، عَنِ الْمَسْعُودِيِّ، عَنْ يَزِيدَ الْفَقِيرِ، قَالَ: سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ: سُئِلَ عَنِ الرَّكْعَتَيْنِ فِي السَّفَرِ أَقْصِرُهُمَا؟ قَالَ: لَا، إِنَّمَا الْقَصْرُ وَاحِدَةٌ عِنْدَ الْقِتَالِ، وَأَنَّ الرَّكْعَتَيْنِ فِي السَّفَرِ لَيْسَتَا بِقَصْرٍ.
2234- حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا مِسْعَرٌ، عَنْ سِمَاكٍ الْحَنَفِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ، يَقُولُ: إِنَّهَا لَيْسَتْ بِقَصْرٍ وَلَكِنَّهَا تَمَامُ سُنَّةِ الرَّكْعَتَيْنِ فِي السَّفَرِ.
2235- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ الصَّبَّاحِ، ثنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ مُوَرِّقٍ، عَنِ الْعِجْلِيِّ، قَالَ: سَأَلْتُ ابْنَ عُمَرَ عَنِ الصَّلَاةِ فِي السَّفَرِ فَقَالَ: رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ مَنْ خَالَفَ السُّنَّةَ كَفَرَ.
2236- حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي الزُّهْرِيُّ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، أَنَّ عَائِشَةَ أَخْبَرَتْهُ: أَنَّ الصَّلَاةَ أَوَّلَ مَا فُرِضَتْ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ أَتَمَّ اللهُ الصَّلَاةَ فِي الْحَضَرِ وَأُقِرَّتِ الرَّكْعَتَانِ عَلَى هَيْئَتِهِمَا فِي السَّفَرِ.
2237- حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، ثنا مُسْلِمٌ، ثنا شُعْبَةُ، قَالَ: ثنا أَبُو حَمْزَةَ، قَالَ: قُلْتُ لِابْنِ عَبَّاسٍ: مَا تَطِيبُ نَفْسِي أَنْ أُصَلِّيَ بِمَكَّةَ رَكْعَتَيْنِ، قَالَ: أَفَتَطِيبُ نَفْسُكَ أَنْ تُصَلِّيَ الصُّبْحَ أَرْبَعًا؟ فَإِنَّهُ كَذَلِكَ فَإِذَا صَلَّيْتَ رَكْعَتَيْنِ فَصَلِّ بَعْدَهَا رَكْعَتَيْنِ.
2238- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، حَدَّثَنَا مَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، حَدَّثَنَا حُمَيْدُ بْنُ عَلِيٍّ الْعُقَيْلِيُّ، عَنِ الضَّحَّاكِ بْنِ مُزَاحِمٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: مَنْ صَلَّى فِي السَّفَرِ أَرْبَعًا كَانَ كَمَنْ صَلَّى فِي الْحَضَرِ رَكْعَتَيْنِ. وَقَالَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ: الصَّلَاةُ فِي السَّفَرِ رَكْعَتَانِ حَتْمَانِ لَا يَصْلُحُ غَيْرُهَا، وَكَانَ حَمَّادُ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ يَرَى أَنْ يُعِيدَ مَنْ صَلَّى فِي السَّفَرِ أَرْبَعًا، وَقَالَ قَتَادَةُ: يُصَلِّي الْمُسَافِرُ رَكْعَتَيْنِ حَتَّى يَرْجِعَ، إِلَّا أَنْ يَدْخُلَ مِصْرًا مِنَ الْأَمْصَارِ فَيُتِمَّ، وَقَالَ الْحَسَنُ: لَا أَبَا لَكَ أَتَرَى أَصْحَابَ رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَرَكُوهَا لِأَنَّهَا ثَقُلَتْ عَلَيْهِمْ؟. وَسُئِلَ مَالِكٌ عَنْ مُسَافِرٍ أَمَّ مُقِيمًا فَأَتَمَّ لَهُمُ الصَّلَاةَ جَاهِلًا وَيُتَمِّمُ الْمُسَافِرُ وَالْمُقِيمُ؟، أَرَى أَنْ يُعِيدُوا الصَّلَاةَ جَمِيعًا، ابْنُ وَهْبٍ عَنْهُ، وَحَكَى ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: يُعِيدُ مَا كَانَ فِي وَقْتٍ، فَأَمَّا مَا مَضَى وَقْتُهُ فَلَا إِعَادَةَ عَلَيْهِ. وَاخْتُلِفَ فِيهَا عَنْ أَحْمَدَ، فَقَالَ مَرَّةً: فِي الْمُسَافِرِ يُصَلِّي أَرْبَعًا: لَا يُعْجِبُنِي، السُّنَّةُ رَكْعَتَانِ، وَقَالَ مَرَّةً: أَنَا أُحِبُّ الْعَافِيَةَ مِنْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، وَقَالَ مَرَّةً: إِذَا أَتَمَّ الْمُسَافِرُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ. وَقَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ فِي مُسَافِرٍ صَلَّى فِي السَّفَرِ أَرْبَعًا أَرْبَعًا حَتَّى يَرْجِعَ، فَقَالُوا: إِنْ كَانَ قَعَدَ فِي كُلِّ رَكْعَتَيْنِ قَدْرَ التَّشَهُّدِ فَصَلَاتُهُ تَامَّةٌ، وَإِنْ كَانَ لَمْ يَقْعُدْ فِي الرَّكْعَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ قَدْرَ التَّشَهُّدِ فَصَلَاتُهُ فَاسِدَةٌ، وَعَلَيْهِ أَنْ يُعِيدَ، لِأَنَّ صَلَاةَ الْمُسَافِرِ رَكْعَتَيْنِ، فَمَا زَادَ عَلَيْهِمَا فَهُوَ تَطَوُّعٌ، فَإِذَا خَلَطَ الْمَكْتُوبَةَ بِالتَّطَوُّعِ فَسَدَتْ صَلَاتُهُ، إِلَّا أَنْ يَقْعُدَ فِي الرَّكْعَتَيْنِ قَدْرَ التَّشَهُّدِ، فَيَكُونَ التَّشَهُّدُ فَصْلًا لِمَا بَيْنَهُمَا. وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: الْمُسَافِرُ بِالْخِيَارِ إِنْ شَاءَ أَتَمَّ، وَإِنْ شَاءَ قَصَرَ، هَذَا قَوْلُ الشَّافِعِيِّ، وَأَبِي ثَوْرٍ، وَرُوِّينَا عَنْ أَبِي قِلَابَةَ أَنَّهُ قَالَ: إِنْ صَلَّيْتَ فِي السَّفَرِ أَرْبَعًا فَقَدْ صَلَّى مَنْ لَا بَأْسَ بِهِ، وَإِنْ صَلَّيْتَ رَكْعَتَيْنِ فَقَدْ صَلَّى مَنْ لَا بَأْسَ بِهِ. وَقَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ، فِيمَنْ صَلَّى فِي السَّفَرِ أَرْبَعًا مُتَعَمِّدًا: بِئْسَ مَا صَنَعْتَ، وَقَفْتُ عَنْهُ، وَقَدْ رُوِّينَا عَنْ عَائِشَةَ: أَنَّهَا كَانَتْ تُتِمُّ فِي السَّفَرِ، وَقَالَ عَطَاءٌ: لَا أَعْلَمُ أَحَدًا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُوَفِّي فِي السَّفَرِ إِلَّا سَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ.
2239- حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَ: كَانَتْ تَصُومُ فِي السَّفَرِ، وَتُصَلِّي أَرْبَعًا، وَكَانَتْ تُتِمُّ.
2240- حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ، قَالَ: لَا أَعْلَمُ أَحَدًا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كَانَ يُوَفِّي فِي السَّفَرِ إِلَّا سَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: احْتَجَّ بَعْضُ مَنْ رَأَى لِلْمُسَافِرِ الْخِيَارَ مِنَ الْقَصْرِ وَالْإِتْمَامِ بِفِعْلِ عُثْمَانَ، وَاتِّبَاعِ مَنْ تَبِعَهُ فَصَلَّى خَلْفَهُ رَكْعَتَيْنِ، وَمِمَّنْ فَعَلَ ذَلِكَ ابْنُ مَسْعُودٍ، وَلَوْ كَانَ فَرْضُ الصَّلَاةِ رَكْعَتَيْنِ لَا يَصْلُحُ غَيْرُهُمَا لَمْ يُتِمَّهَا مِنْهُمْ أَحَدٌ، وَلَمْ يَجُزْ أَنْ يُتِمَّهَا مُسَافِرٌ مَعَ مُقِيمٍ، وَقَوْلُ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّ الْمُسَافِرَ يُصَلِّي خَلْفَ الْإِمَامِ الْمُقِيمِ أَرْبَعًا وَاحْتَجَّ آخَرُ بِخَبَرٍ:
2241- رَوَاهُ مُغِيرَةُ بْنُ زِيَادٍ، وَطَلْحَةُ بْنُ عَمْرٍو، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ عَائِشَةَ: عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ كَانَ يُتِمُّ وَيَقْصُرُ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَمِنْ حُجَّةِ مَنْ رَأَى أَنَّ صَلَاةَ الْمُسَافِرِ رَكْعَتَانِ حَدِيثُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ.
2242- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: ثنا الْكَيْسَانِيُّ، قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ بْنُ زِيَادٍ الْأَشْجَعِيُّ، عَنْ زُبَيْدٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ، قَالَ: قَالَ عُمَرُ: صَلَاةُ الْأَضْحَى رَكْعَتَانِ، وَصَلَاةُ الْفِطْرِ رَكْعَتَانِ وَصَلَاةُ السَّفَرِ رَكْعَتَانِ، وَصَلَاةُ الْجُمُعَةِ رَكْعَتَانِ تَمَامٌ غَيْرُ قَصْرٍ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّكُمْ، وَقَدْ خَابَ مَنِ افْتَرَى. قَالُوا: فَهَذَا الْخَبَرُ يُصَرِّحُ بِأَنَّ الرَّكْعَتَيْنِ فِي السَّفَرِ تَمَامٌ غَيْرُ قَصْرٍ، وَهُوَ خَبَرٌ ثَابِتٌ، وَغَيْرُ جَائِزٍ أَنْ يُقَابِلَ هَذَا الْخَبَرَ خَبَرُ مُغِيرَةَ بْنِ زِيَادٍ، وَطَلْحَةَ بْنِ عَمْرٍو، وَلَوْ كَانَ الْحَدِيثُ الَّذِي أَتَى بِهِ الْمُغِيرَةُ بْنُ زِيَادٍ فِي حَدِيثِ مَنْ هُوَ أَجَلُّ مِنْهُ أُسْقِطَ حَدِيثُهُ مِنْ أَجَلِهِ، وَذَلِكَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ سَافَرَ أَسْفَارًا كَثِيرَةً وَمَعَهُ أَصْحَابُهُ، أَوْ مَنْ كَانَ مَعَهُ مِنْهُمْ، وَقَدْ حَفِظُوا عَنْهُ صَلَاتَهُ، وَمَوَاقِيتَهَا، وَجَمْعَهُ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ حَيْثُ جَمَعَ بَيْنَهُمَا، وَتَطَوُّعَهُ الَّذِي تَطَوَّعَ بِهِ فِي أَسْفَارٍ فِي لَيْلِهِ وَنَهَارِهِ، وَصَلَاتَهُ عَلَى رَاحِلَتِهِ، وَالْوِتْرَ عَلَيْهَا، وَنُزُولَهُ عَنْهَا لِلْمَكْتُوبَةِ، وَغَيْرَ ذَلِكَ مِنْ أَحْكَامِ صَلَاتِهِ، وَحَفِظُوا عَنْهُ صَوْمَهُ وَإِفْطَارَهُ فِي سَفَرِهِ، وَلَوْ كَانَ الْمُسَافِرُ مُخَيَّرًا بَيْنَ الْإِتْمَامِ وَالْقَصْرِ لَبَيَّنَ ذَلِكَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لِأَصْحَابِهِ، لِأَنَّهُ الْمُبَيِّنُ عَنِ اللهِ مَعْنَى مَا أَنْزَلَ عَلَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ. قَالُوا: فَفِيمَا ذَكَرْنَاهُ دَلِيلٌ وَبَيَانٌ عَلَى أَنَّ أَصْلَ فَرْضِ صَلَاةِ رَكْعَتَانِ، وَأَنَّهُ غَيْرُ مُخَيَّرٌ فِي الْقَصْرِ وَالْإِتْمَامِ، وَمِنَ الدَّلِيلِ عَلَى صِحَّةِ هَذَا الْقَوْلِ خَبَرُ ابْنِ عَبَّاسٍ: فَرَضَ اللهُ جَلَّ وَعَزَّ الصَّلَاةَ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّكُمْ فِي الْحَضَرِ أَرْبَعًا، وَفِي السَّفَرِ رَكْعَتَيْنِ، مَعَ قَوْلِ جَابِرٍ: أَنَّ الرَّكْعَتَيْنِ فِي السَّفَرِ لَيْسَتَا بِقَصْرٍ، وَقَوْلُ ابْنِ عُمَرَ: أَنَّهَا لَيْسَتْ بِقَصْرٍ، وَلَكِنَّهَا تَمَامُ سُنَّةِ الرَّكْعَتَيْنِ فِي السَّفَرِ، وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ لِرَجُلٍ قَالَ لَهُ: مَا تَطِيبُ نَفْسِي أَنْ أُصَلِّيَ بِمَكَّةَ رَكْعَتَيْنِ، قَالَ: فَتَطِيبُ نَفْسُكَ أَنْ تُصَلِّيَ الصُّبْحَ أَرْبَعًا؟، فَإِنَّهُ كَذَلِكَ، وَأَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ مَنَ صَلَّى فِي السَّفَرِ الَّذِي لِلْمُسَافِرِ أَنْ يَقْصُرَ فِي مِثْلِهِ الصَّلَاةَ رَكْعَتَيْنِ، أَنَّهُ مُؤَدٍّ مَا فُرِضَ عَلَيْهِ، وَقَدِ اخْتُلِفَ فِيمَنْ صَلَّى أَرْبَعًا هَلْ أَدَّى فَرْضًا أَمْ لَا؟، فَالْفَرْضُ سَاقِطٌ عَمَّنْ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ لِإِجْمَاعِهِمْ، وَلَا يَسْقُطُ الْفَرْضُ عَمَّنْ صَلَّى أَرْبَعًا لِاخْتِلَافِهِمْ، فَأَمَّا إِذَا ادَّعَى مَنِ ادَّعَى أَنَّهُمْ مُجْمِعُونَ عَلَى وُجُوبِ التَّمَامِ عَلَى الْمُسَافِرِ يَدْخُلُ فِي صَلَاةِ الْمُقِيمِ، فَغَلَطٌ مِنْ مُدَّعِيهِ، وَقَدْ ذَكَرْتُ اخْتِلَافَهُمْ فِيهِ فِي بَابِ الْمُسَافِرِ يَأْتَمُّ بِالْمُقِيمِ.
2243- حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَلِيُّ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ: أَنَّ فَتًى سَأَلَ عِمْرَانَ بْنَ حُصَيْنٍ عَنْ صَلَاةِ رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي السَّفَرِ، فَقَالَ: مَا سَافَرَ رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَّا صَلَّى رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ، فَإِنَّهُ أَقَامَ زَمَنَ الْفَتْحِ ثَمَانِ عَشْرَةَ لَيْلَةً كَانَ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ يَقُولُ: يَا أَهْلَ مَكَّةَ: قُومُوا فَصَلُّوا رَكْعَتَيْنِ أُخْرَيَيْنِ، فَإِنَّا قَوْمٌ سَفْرٌ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَيَلْزَمُ مَنْ قَالَ: إِنَّ الْمُقِيمَ إِذَا صَلَّى خَلْفَ مُسَافِرٍ صَلَّى صَلَاةً، وَالْمُقِيمُ وَلَا يَتَحَوَّلُ فَرْضُهُ بِأَنَّ صَلَاةَ إِمَامِهِ خَلْفَ صَلَاتِهِ، أَنْ يَقُولَ كَذَلِكَ فِي الْمُسَافِرِ يُصَلِّي خَلْفَ الْمُقِيمِ أَنَّ فَرْضَهُ لَا يَتَحَوَّلُ، ولاسيما مَنْ مَذْهَبُهُ أَنَّ كُلَّ مُصَلٍ يُصَلِّي عَنْ نَفْسِهِ لَا تَضُرُّهُ نِيَّةُ غَيْرِهِ، وَمَنْ رَأَى أَنْ يُصَلِّيَ مَنْ عَلَيْهِ صَلَاةُ الْعِشَاءِ الْآخِرَةِ خَلْفَ إِمَامٍ يَتَطَوَّعُ بِالتَّرَاوِيحِ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ، وَيَبْنِي عَلَى الرَّكْعَتَيْنِ، وَيُصَلِّي تَطَوُّعًا خَلْفَ الْإِمَامِ الَّذِي يُصَلِّي الْمَكْتُوبَةَ.

.ذِكْرُ اخْتِلَافِ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي الْمُسَافِرِ يَأْتَمُّ بِالْمُقِيمِ:

اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي مُسَافِرٍ صَلَّى خَلْفَ إِمَامٍ، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ، يُصَلِّي بِصَلَاتِهِمْ، رُوِّينَا هَذَا الْقَوْلُ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَبِهِ قَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ، وَإِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ، وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، وَجَابِرُ بْنُ زَيْدٍ، وَمَكْحُولٌ.
2244- حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، وَالثَّوْرِيِّ، عَنْ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ، عَنْ أَبِي مِجْلَزٍ، قَالَ: قُلْتُ لِابْنِ عُمَرَ: أَدْرَكْتُ رَكْعَتَيْنِ مِنْ صَلَاةِ الْمُقِيمِينَ وَأَنَا مُسَافِرٌ؟ قَالَ: صَلِّ بِصَلَاتِهِمْ.
2245- حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ قُتَيْبَةَ، ثنا أَبُو بَكْرٍ، ثنا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: إِذَا دَخَلَ الْمُسَافِرُ فِي صَلَاةِ الْمُقِيمِينَ صَلَّى بِصَلَاتِهِمْ. وَبِهِ قَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، وَالْأَوْزَاعِيُّ، وَمَعْمَرٌ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَحْمَدُ، وَأَبُو ثَوْرٍ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ. وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: إِذَا أَدْرَكَ الْمُسَافِرُ بَعْضَ صَلَاةٍ الْمُقِيمِينَ صَلَّى بِصَلَاتِهِمْ، وَإِنْ أَدْرَكَهُمْ جُلُوسًا صَلَّى رَكْعَتَيْنِ، هَذَا قَوْلُ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ، وَإِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ، وَالزُّهْرِيِّ، وَقَتَادَةَ، وَقَالَ مَالِكٌ: إِذَا أَدْرَكَ الْمُسَافِرُ التَّشَهُّدَ مِنْ صَلَاةِ الْمُقِيمِينَ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَكَانَ الْحَسَنُ وَالنَّخَعِيُّ رَأَيَا أَنَّ الْمُسَافِرَ إِذَا أَدْرَكَ مِنْ صَلَاةِ الْمُقِيمِ بَعْضَ الصَّلَاةِ صَلَّى بِصَلَاتِهِمْ، وَإِنْ أَدْرَكَهُمْ جُلُوسًا صَلَّى رَكْعَتَيْنِ، فَلَا يَكُونُ مَا ذَكَرْنَاهُ عَنْهُمَا مُخْتَلِفًا، وَاللهُ أَعْلَمُ.
وَفِيهِ قَوْلٌ ثَالِثٌ: فِي الْمُسَافِرِ يُدْرِكُ مِنْ صَلَاةِ الْمُقِيمِ رَكْعَتَيْنِ يُجْزِيَانِهِ، هَكَذَا قَالَ طَاوُسٌ، وَبِهِ قَالَ النَّخَعِيُّ، وَتَمِيمُ بْنُ حَذْلَمٍ، وَقَالَ إِسْحَاقُ فِي الْمُسَافِرِ يَدْخُلُ فِي صَلَاةِ الْمُقِيمِ وَيَنْوِي صَلَاةَ نَفْسِهِ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ، وَيَجْلِسُ، وَيُسَلِّمُ، وَيَخْرُجُ، وَإِنْ أَدْرَكَ الْمُقِيمَ جَالِسًا فِي آخِرِ صَلَاتِهِ فَعَلَيْهِ صَلَاةُ الْمُسَافِرِ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فَمَنِ ادَّعَى الْإِجْمَاعَ فِي الْمُسَافِرِ يَدْخُلُ فِي صَلَاةِ الْمُقِيمِ مَعَ مَا ذَكَرْنَاهُ مِنَ اخْتِلَافٍ فِيهِ قَلِيلُ الْمَعْرِفَةِ بِالْإِجْمَاعِ وَالِاخْتِلَافِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ.

.مَسْأَلَةٌ:

وَاخْتَلَفُوا فِي الْمُسَافِرِ يَدْخُلُ فِي صَلَاةِ الْمُقِيمِ، ثُمَّ يُفْسِدُ عَلَى الْمُسَافِرِ صَلَاتَهُ، فَحَكَى أَبُو ثَوْرٍ فِيهَا قَوْلَيْنِ؛ أَحَدُهُمَا أَنَّ عَلَيْهِ التَّمَامَ، وَالْآخَرُ أَنْ يَرْجِعَ إِلَى مَا كَانَ لَهُ مِنَ الْخِيَارِ فِي الِابْتِدَاءِ، وَحُكِيَ عَنِ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ قَالَ: عَلَيْهِ أَنْ يُتِمَّ. قَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ: يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ، وَقَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ: يُصَلِّي بِصَلَاتِهِمْ، فَإِنْ فَسَدَتْ صَلَاةُ الْإِمَامِ عَادَ الْمُسَافِرُ إِلَى حَالِهِ، وَفِي قَوْلِ مَنْ قَالَ، إِذَا أَدْرَكَ مِنْ صَلَاةِ الْمُقِيمِ رَكْعَتَيْنِ يُجْزِيَانِهِ، لَا يَلْزَمُهُ إِلَّا رَكْعَتَانِ فَسَدَتْ صَلَاةُ الْإِمَامِ أَوِ الْمَأْمُومِ.

.ذِكْرُ خَبَرٍ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ يُبِيحُ الشَّيْءَ فِي كِتَابَهِ بِشَرْطٍ، ثُمَّ يُبِيحُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَلِكَ الشَّيْءَ بِغَيْرِ ذَلِكَ الشَّرْطِ:

2246- حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: ثنا أَبُو عَاصِمٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي عَمَّارٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ بَابِي، عَنْ يَعْلَى قَالَ: قُلْتُ لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ: قَوْلُ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ: {أَنْ تَقْصُرُوا} [النساء: 101] مِنَ الصَّلَاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا الْآَيَةَ، قَالَ: عَجِبْتُ مِمَّا عَجِبْتَ مِنْهُ، فَسَأَلْتُ رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: «صَدَقَةٌ تَصَدَّقَ اللهُ بِهَا عَلَيْكُمْ فَاقْبَلُوهَا».
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فَدَلَّ هَذَا الْحَدِيثُ عَلَى أَنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ يُبِيحُ فِي كِتَابِهِ الشَّيْءَ بِشَرْطٍ، ثُمَّ يُبِيحُ ذَلِكَ الشَّيْءَ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِ بِغَيْرِ ذَلِكَ الشَّرْطِ، أَلَا تَرَى أَنَّ الْقَصْرَ إِنَّمَا أُبِيحَ عَلَى ظَاهِرِ الْكِتَابِ لِمَنْ كَانَ خَائِفًا، فَلَمَّا أَبَاحَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْقَصْرَ فِي حَالِ الْأَمْنِ كَانَتِ الْإِبَاحَةُ فِي الْقَصْرِ قَائِمَةً فِي حَالِ الْخَوْفِ بِكِتَابِ اللهِ، وَفِي حَالِ الْأَمْنِ بِالْأَخْبَارِ الثَّابِتَةِ عَنْ نَبِيِّ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

.ذِكْرُ خَبَرٍ دَلَّ عَلَى بَيَانِ صَلَاةِ الْمُسَافِرِ مِنْ ظَاهِرِ قَوْلِهِ: {أَقِيمُوا الصَّلَاةَ} [الأنعام: 72]:

قَالَ اللهُ جَلَّ ذِكْرُهُ: {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ} [النحل: 44] الْآيَةُ. فَفَرَضَ اللهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ الصَّلَاةَ فِي غَيْرِ آيَةٍ مِنْ كِتَابِهِ وَلَمْ يَذْكُرْ عَدَدَ مَا يَجِبُ عَلَى الْمُسَافِرِ وَالْمُقِيمِ مِنَ الرَّكَعَاتِ، فَبَيَّنَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعْنَى مَا أَرَادَ اللهُ مِنْ عَدَدِ الصَّلَاةِ.
2247- حَدَّثَنَا عَلَّانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ، قَالَ: ثنا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا اللَّيْثُ، قَالَ: حَدَّثَنِي ابْنُ شِهَابٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ أُمَيَّةَ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ خَالِدٍ: أَنَّهُ سَأَلَ عَبْدَ اللهِ بْنَ عُمَرَ، فَقَالَ: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ إِنَّا نَجِدُ صَلَاةَ الْخَوْفِ وَصَلَاةَ الْحَضَرِ فِي الْقُرْآنِ، وَلَا نَجِدُ صَلَاةَ الْمُسَافِرِ؟ فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: يَا ابْنَ أَخِي، إِنَّ اللهَ بَعَثَ إِلَيْنَا مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا نَعْلَمُ شَيْئًا، فَإِنَّمَا نَفْعَلُ كَمَا رَأَيْنَاهُ يَفْعَلُ.
2248- حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ الثَّوْرِيِّ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مَيْسَرَةَ، وَمُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: صَلَّيْتُ مَعَ رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الظُّهْرَ بِالْمَدِينَةِ أَرْبَعًا، وَالْعَصْرَ بِذِي الْحُلَيْفَةِ رَكْعَتَيْنِ.
2249- حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ الْوَلِيدِ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ حَارِثَةَ بْنِ وَهْبٍ الْخُزَاعِيِّ قَالَ: صَلَّيْتُ مَعَ رَسُول اللهِ صَلَّى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمِنًى فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ رَكْعَتَيْنِ أَكْثَرَ مَا كَانَ النَّاسُ وَآمَنَهُ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فَدَلَّتْ هَذِهِ الْأَخْبَارُ مَعَ سَائِرِ الْأَخْبَارِ الْمُبَيَّنَةِ فِي كِتَابِ السُّنَنِ عَلَى أَنَّ لِلْآمِنِ غَيْرِ الْخَائِفِ أَنْ يُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ فِي السَّفَرِ.